هل ينظف مخ الإنسان نفسه أثناء النوم؟
الكاتب: مسلم عبدالكاظم فيصل
المدونة: Eyenews
تاريخ النشر: 13 أكتوبر 2025
طالما كانت فكرة تنظيف المخ لنفسه فكرة غريبة وغائبة عن ذهن العلماء، ولكن دراسات وتجارب حديثة أثبتت أن المخ يغتسل خلال النوم بنظام فريد يطرد السموم والفضلات، وتعطل هذا النظام قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة.
دراسات وأبحاث حديثة تُثبت أن الدماغ البشري ينظف نفسه بنفسه من خلال نظام دوري يطرد السموم والفضلات، وحدوث خلل فيه قد يؤدي إلى مشاكل نفسية وعصبية.
كيف يتخلص المخ من فضلاته؟
تتراكم الفضلات في المخ خلال النهار أثناء العمل والتفكير، ويُعد الليل الوقت المناسب للتخلص من هذه الفضلات التي تتضمن بروتينات وجزيئات زائدة قد تتحول إلى مواد سامة في حالة عدم التخلص منها، ومن بينها بروتينات الأميلويد بيتا وتاو التي تعتبر من المسببات الأساسية لمرض الزهايمر.
يختلف المخ عن باقي أعضاء الجسم في طريقة تخلصه من الفضلات بسبب وجود الحاجز الفاصل بين الدم والمخ الذي يمنع العدوى، لكنه أيضاً يمنع خروج الفضلات بسهولة.
وفي عام 2012، توصل فريق بحثي بجامعة روشستر الأمريكية بقيادة أخصائية الأعصاب مايكن نيدرغارد إلى وجود نظام فريد لطرد الفضلات يُعرف باسم النظام الجليمفاوي (Glymphatic System).
من خلال تجارب على الفئران، اكتُشف أن السائل النخاعي يتدفق داخل أنفاق تحيط بالأوعية الدموية في المخ، ويمر بجانب خلايا تُعرف باسم الخلايا النجمية، حيث يمتزج السائل النخاعي بالسوائل الخلالية ليحمل الفضلات إلى خارج الدماغ.
متى ينظف الدماغ نفسه؟
تشير الدراسات إلى أن عملية تنظيف المخ تنشط بشكل خاص أثناء النوم، كما أوضحت نيدرغارد في دراسة نشرتها عام 2013 أن المخ يقوم بعملية تنظيف ذاتي ليلاً فقط، بينما تتوقف أثناء الاستيقاظ بسبب انشغاله بمعالجة المؤثرات الخارجية.
وأكدت أن النوم الجيد يتيح للمخ فرصة للتخلص من الفضلات، مما يفسر الإحساس بالنشاط بعد نوم مريح، وكأن الدماغ قد خضع لعملية إعادة ضبط كما يحدث عند صيانة آلة معقدة.
تشكيك في نظرية اغتسال المخ
رغم الأدلة، يشكك بعض العلماء في هذه النظرية بحجة أن الدراسات أجريت على الفئران، وليس على البشر الذين تختلف أدمغتهم من حيث الحجم والتعقيد وطبيعة النوم.
لكن أبحاثًا لاحقة أكدت صحة النظرية، حيث أوضح جيفري إيليف، أستاذ طب الأعصاب بجامعة واشنطن، أن تعطّل النظام الجليمفاوي قد يؤدي إلى اضطرابات عصبية مثل الزهايمر، نتيجة تراكم بروتينات الأميلويد وتاو في الدماغ مع التقدم في العمر.
تجارب إضافية على البشر
في عام 2021، أجرى بيير كريستيان إيدي من مستشفى جامعة أوسلو النرويجية دراسة مشابهة على البشر باستخدام متتبعات فلورية لتتبع تدفق السائل النخاعي.
قُسّم المتطوعون إلى مجموعتين: الأولى نامت طبيعياً، والثانية بقيت مستيقظة. وأظهرت النتائج أن تدفق السائل النخاعي كان أبطأ بكثير لدى الذين لم يناموا، واستمر هذا البطء حتى بعد تعويض النوم في الليلة التالية.
واستنتج الباحثون أن نقص النوم لا يمكن تعويضه بسهولة، وأن الدماغ يحتاج إلى النوم المنتظم للحفاظ على نظام التنظيف الذاتي الفعّال.
وأكد إيدي أن الدماغ البشري يغتسل أثناء النوم، وأن الحرمان من النوم يؤثر سلباً على آلية عمل هذا النظام الحيوي، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض العصبية.
© 2025 جميع الحقوق محفوظة | مدونة Eyenews | الكاتب: مسلم عبدالكاظم فيصل
